تهب نسمات معبقة برائحة الشوكولاتة اللذيذة من مصنع لإنتاج الكعك على مشارف فيينا بينما يصب ألفريد بوكسباوم كميات هائلة من الشوكولاتة السائلة على صف من كعك زاخر الشهير. ولا تزال كعكة زاخر وعمرها 175 عاما هي درة الحلويات والكعكة الأولى في مقاهي فيينا كما لا تزال تخلب لب عشاق الشوكولاتة في جميع أنحاء العالم بمذاقها الفريد. بوكسباوم.. رئيس طهاة الحلويات في فندق زاخرورغم ظهور وصفات أخرى مشابهة الا أن وصفة الكعكة الأصلية ذات الرائحة النفاذة لا تزال سرا مصونا بعناية. ويقول بوكسباوم وهو رئيس طهاة الحلويات في فندق زاخر وهو ينظر لكعكاته بابتسامة "ببساطة أنا أتمتع بأفضل وظيفة بين طهاة الحلويات.. ما زلت أتناول قطعتين أو ثلاثا تقريبا كل أسبوع... وبالطبع أنا فخور للغاية بكعكاتي".
وأصبحت كعكة زاخر جزءا لا يتجزأ من شخصية المدينة مثل قصر هوفبورج الإمبراطوري أو دار الأوبرا أو عربات الخيول الشهيرة منذ المرة الأولى التي أعد فيها فرانتس زاخر الذي كان طاهيا مبتدئا في البلاطين الإمبراطوري والملكي ولم يتعد السادسة عشر من عمره هذه الكعكة الحلوة المرة.
لكن الكعكة الأشهر في فيينا هي أيضاً مصدر صناعة ضخمة إذ ينتج بوكسباوم نحو 320 ألف كعكة سنويا، كي يتمتع بها السائحون وسكان المدينة في المقاهي أو المتاجر أو لشحنها في صناديق خشبية صغيرة إلى جميع أنحاء العالم ولا سيما الولايات المتحدة واليابان وألمانيا ومنطقة الشرق الأوسط.
وبالرغم من أن كعكة زاخر معروفة لعشاق الكعك والشوكولاتة في جميع أنحاء العالم فان الوصفة التي يستخدمها أشهر صانعي الحلويات مثل فندق زاخر لا تزال سرا، ويحتفظ الفندق بالوصفة التي كتبها فرانتس زاخر بخط يده في خزانته وهي معروفة فقط لنخبة مختارة مثل رئيس طهاة الحلويات ومدير الفندق اللذين وقعا على وثيقة يتعهدان فيها بحفظ السر قبل الاطلاع على الوصفة.
وكشف بوكسباوم أنه يستخدم شخصيا ثلاثة أنواع من الشوكولاتة البلجيكية والألمانية للحصول على مذاق الكعكة الذي يمزج بين الحلاوة والمرارة. وأمضى فندق زاخر أعواما في المحاكم للحفاظ على حقه في ان يكون الجهة الوحيدة التي تنتج الكعكة الأصلية ولا سيما ضد صانع الشوكولاتة الشهير ديميل.
وصفة الكعكة الأصلية ذات الرائحة النفاذة لا تزال سرا مصونا بعنايةوقال راينر هلمان مدير الفندق في إشارة إلى الدعاوى القضائية "ربما يبدو الأمر سخيفا بعض الشيء بالنسبة للبعض... لكن كان من الواضح أننا كنا دائما الوحيدين الذين نملك الوصفة الأصلية وأننا الوحيدون الذين نصنع كعكة زاخر طبقا لهذه الوصفة". وعلى بعد عدة مبان في شارع صغير قرب القصر الإمبراطوري يقع متجر ديميل أشهر منافسي فندق زاخر في صناعة الكعكة الشهيرة.
وتقول الأسطورة ان ادوارد ابن فرانتس زاخر هو الذي طور وصفة أبيه خلال فترة عمله في ديميل في سنوات شبابه قبل أن يفتتح فندق زاخر في مرحلة متأخرة من عمره. ورغم أن المحكمة قضت بمنح الفندق حق تسمية كعكاتها باسم "كعكة زاخر الأصلية" فان متجر ديميل يصنع نحو 50 ألف كعكة تسمى باسم "كعكة زاخر من ديميل" كل عام ويقوم أيضاً بشحنها إلى جميع أنحاء العالم.
ويتدفق حشود من الأشخاص على متجر ديميل يوميا لتناول قطعة من كعكة زاخر المصنوعة بطريقة فيينا وتقدم في صورة طبقة غنية وغير محلاة من الكريمة المخفوقة والقهوة باللبن.
ويقول ديتمار موتينتالر رئيس طهاة الحلويات بمتجر ديميل وهو يغمس كعكة زاخر في وعاء يحوى مربى المشمش الساخنة "السر في أي كعكة زاخر هو الشوكولاتة. ينبغي أن تكون من نوع جيد للغاية وبالطبع المربى. لكننا بالطبع لن ننشر وصفتنا أبدا. بعض الأشياء ينبغي أن تبقى ببساطة بين هذه الجدران".